كشف معالي نائب وزير المالية الأستاذ عبد المحسن بن سعد الخلف أن عدد شركات التقنية المالية في المملكة بلغت 224 شركة بنهاية الربع الثاني من العام 2024، متجاوزاً بذلك مستهدف البرنامج للربع ذاته والبالغ 168 شركة، مفيداً أن الهدف المستهدف هو زيادة العدد إلى 525 شركة بحلول 2030م"، مبيناً أن النتائج جاءت نتيجة الجهود المبذولة من الجهات المعنية ذات الاختصاص.
جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في جلسة حوارية بعنوان "القيادة في عصر التقنية والابتكار"، ضمن فعاليات ملتقى الأكاديمية المالية 2024م في نسخته الثالثة، والذي أقيم في يوم الأربعاء 09 أكتوبر 2024 في مركز المؤتمرات بمركز الملك عبد الله المالي (كافد) في العاصمة الرياض.
وأوضح معالي الخلف أن التحولات التقنية طالت التعاملات المالية من بوابة الذكاء الاصطناعي لدعم الاقتصاد، سواء باستخدام البيانات الضخمة أو "البلوك شين"، أو برامج ذكاء الأعمال، مفيداً أن هذه التحولات كان لها تأثير كبيرة في التخطيط المالي، ومراقبة الأداء المالي، وهو ما يعزز خاصية التنبؤ، سواء بشأن التطورات الإيجابية أو التطورات السلبية، مع وجود عدد ضخم من البيانات والمعلومات والإحصاءات، الأمر الذي يدعم صنع القرار، عبر الاستفادة من الفرصة بشكل استباقي، أو بتعزيز التحوط من المخاطر المحتملة.
وشدد الخلف على تأثيرات التقنيات الحديثة في القطاع المالي، بشأن تعزيز خاصية التنبؤ، اعتماداً على توفر المعلومات والبيانات التي تساعد في صنع القرار المناسب، مبيناً أن التقنيات فعّلت الكثير من المسارات في القطاع المالي، وجعلت المعلومات المطلوبة متوفرة ومتاحة، وهو الأمر الذي عزز المصداقية الشفافية وبرامج الحوكمة في القطاع.
وقال معاليه: "يشهد العالم اليوم تطوراً تقنياً بارزاً ومتسارعاً، حيث أحدثت التقنية الحديثة ثورة غير مسبوقة في جميع المجالات امتد أثرها ليشمل القطاع الحكومي، حيث غيرت الطريقة التي يدار بها القطاع بشكل جذري، مثل: آلية التعاملات الداخلية والخدمات التي يقدمها للمستفيدين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات خاصة أو جهات حكومية أخرى، وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الرقمية، وحجم التمكين في التحول الرقمي الذي تعيشه المملكة".
وتطرّق الخلف إلى دور التقنية في القطاع الحكومي بالمملكة، وعلى وجه التحديد في وزارة المالية، موضحاً أن الوزارة عملت منذ فترة إطلاق رؤية السعودية 2030 على العديد من الجوانب، حيث قامت بتوظيف التقنية في الكثير من قطاعاتها، كما قامت بتسخيرها لتطوير القطاع المالي، حيث تم قبل عامين إطلاق الخطة التنفيذية لاستراتيجية التقنية المالية التي تعد إحدى ركائز برنامج تطوير القطاع المالي التي تهدف إلى تسهيل ممارسة الأعمال وجذب الاستثمارات".
وأضاف أن وزارة المالية أدركت أن المنظومة التقنية ومبادراتها موزعة ضمن وحدات تقنية منفصلة وغير مترابطة؛ فهناك وحدة للإيرادات وأخرى للميزانية، وثالثة للحسابات، ولديها ثلاثة أنظمة منفصلة، ومن هنا بدأت تشعر بوجود تحديات في ذلك الوقت وهو ما يقلل من كفاءة عمليات التخطيط المالي، وعليه، بدأت الوزارة بالعمل منذ مطلع العام 2017م، حيث قررت جمع كل المبادرات في منظومة تقنية واحدة، والتي تطورت عبر السنوات، وهي تتمثل الآن في المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية.
وتابع الخلف "تمكّنت الوزارة من استحداث العديد من الأنظمة منها: منصة اعتماد، ونظام صرف، ونظام معاملات، التي ساعدت في تسهيل الأعمال وتحسين عملية اتخاذ القرارات"، مضيفاً "لا نزال نسعى جاهدين للاستفادة من هذه التقنيات، فحالياً نعمل في الوزارة على بناء لوحة تفاعلية تتضمن جميع البيانات المتعلقة بالسياسات المالية والاقتصاد الكلي والتي ستساعد في بناء توصيات دقيقة لتحسين عملية رسم السياسات المالية الكلية".
وتناول الخلف أبرز المبادرات التي قامت بها وزارة المالية لتحقيق التحول الرقمي، من أبرزها الشراكة مع المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية، ونموذج عمل يستند إلى التقنيات الرقمية في ابتكار المنتجات والخدمات، وتوفير قنوات جديدة تزيد من قيمة منتجاتها وتأثيرها في المالية العامة.
وقال: "لعل أقرب مثال يتبادر إلى ذهني كقصة نجاح رقمية وطنية والتي أسهمت فيها الوزارة والمركز بشكل كبير، هي منصة "اعتماد"، حيث كانت أعمال العقود والمناقصات والمشتريات للجهات الحكومية تتم سابقاً يدوياً؛ وهو ما أدى مع الوقت إلى سوء إدارة للبيانات، وتأخر في صرف مستحقات القطاع الخاص، وظهور مشاكل في المشروعات الحكومية، ومن هنا تبلورت فكرة منصة اعتماد في الربع الثاني من العام 2017م وذلك خلال اجتماع لقادة الوزارة بشأن أتمتة أوامر الدفع، حيث اختارت الوزارة منهجية بسيطة لتطوير المنصة بشكل مرن؛ أي تقديم منتج صغير ثم تطويره، وبدأت بخدمة واحدة ثم توالت الخدمات وتعددت".
وتابع "اليوم تقدم المنصة لمستفيديها من القطاعين الحكومي والخاص والأفراد العديد من الخدمات المرتبطة بالمالية العامة، حيث أصبحت دورة المشتريات حتى الدفع محوكمة ومؤتمتة، فأصبحنا نعرف الوضع الراهن فيما يتعلق بالميزانية، والصرف، والالتزامات القائمة، وهذا يساعد على تعزيز الحوكمة والشفافية والموثوقية وكفاءة الإنفاق، كما ساعدت المنصة على تسريع عملية سداد المستحقات للقطاع الخاص، وإتاحة البيانات المالية التي تمكننا وتمكن الجهات الحكومية من المقارنة والمتابعة وتحسين التخطيط المالي".
وقال معاليه: "سابقاً كانت دورة أوامر الدفع تتجاوز مدة الـ 100 يوم، وتعالج الوزارة ما بين 2000 - 3000 أمر دفع خلال اليوم. ومع منصة اعتماد انخفضت دورة أوامر الدفع إلى 14 يوماً، وأصحبت الوزارة تعالج ما يعادل 6000 -7000 أمر دفع خلال اليوم وتلتزم بالسداد خلال 45 يوماً من استلام أمر الدفع، وهو ما أسهم في الحفاظ على كفاءة القطاع الخاص واستدامة نموه، كما كان إيداع المستحقات في حسابات المستفيدين بعد تنفيذها يستغرق 3 أيام عمل، وبعد إطلاق نظام المدفوعات TRAX وتطبيق التوقيع الإلكتروني أصبحت تودع في يوم التنفيذ للحوالات.
وفي الختام تطرق للتحديات التي تواجه المؤسسات بعامة والمؤسسات المالية بخاصة، والمتمثلة في المنافسة العالمية في جذب الخبرات والمواهب التقنية؛ وتحديات الممكنات كالبنية التحتية والتشريعات، وتحديات الأمن السيبراني، وتحدي مقاومة التغيير. مبيناً أن بمقدور التقنيات الناشئة أن تُحدِث أثراً اجتماعياً واقتصادياً إيجابياً على العديد من الجوانب كتحسين مستوى الشمول المالي لأفراد المجتمع وتعزيز مستوى الشفافية لدى الحكومات وهو ما يحسن من جودة البيانات المالية والتخطيط المالي لديها كما يساعد على مكافحة غسل الأموال والسيطرة على تمويل الأنشطة غير الشرعية. مشيراً إلى أن رفع دقة تقدير وقياس أثر السياسات العامة يمثل هاجساً مهماً لدى صناع القرار، ويمكن استخدام التقنيات الناشئة لمحاكاة النتائج المتوقعة للسياسات عبر حصر ومعالجة وتحليل البيانات الضخمة، وهو ما يوفر تغذية راجعة، وتوصيات تساعد على اتخاذ قرارات اقتصادية متوازنة.
اضف تعليق